مَن هم الأتراك العرب، ومنهم العرب الأتراك..؟ سؤال ملتبس وحساس، فبالتأكيد هناك الكثير من ذوي الأصول العربية يعيشون في تركيا وإيران والهند وإندونيسيا وإثيوبيا كدول مهجر قديم، وحالياً في أوروبا وأمريكا وأستراليا ونيوزلندا والبرازيل والأرجنتين، كونها المهجر الحديث، فالملايين منهم أصبحوا سكاناً محليين لا يمكن أن نطلب منهم الولاء لدولهم العربية الأصلية وضد مواطنهم التي هاجروا لها وأصبحوا جزءاً منها.
وبالتأكيد الجميع يتوقع من كل ذوي الأصول التركية الذين عاشوا وأصبحوا جزءاً من النسيج المحلي على امتداد الوطن العربي أن يبقوا عرباً لساناً ومشاعر وولاءً، وأن يحافظوا على دولهم ومصالحها، فلا مبرر لهم أن يكونوا غير ذلك أبداً.
الخطير هو اللعب على هذا الخط الرفيع والحساس، فلو أن الدول العربية استخدمت أبناءها المهاجرين للغرب وخاصة في دول مثل فرنسا وإسبانيا وإيطاليا لأحدثوا فتنة وحرباً أهلية العالم في غنى عنها.
وليكون التعريف أكثر دقة، يمكن أن يطلق على كل من ارتبط بولاء للفكر السياسي التركي الحالي ويؤمن بالعثمانية طريقاً وخياراً حكماً، باعتباره من «الأتراك العرب».
إن ما يفعله رجب طيب أردوغان رأس السلطة التركية هو الأخطر منذ انهيار السلطنة العثمانية وتفككها ودخولها في اتفاقات استسلام وتسليم للأراضي العربية في العراق وسوريا وليبيا وفلسطين التي دفع العرب بسببها أثماناً باهظةً خلال المائة سنة الماضية.
الكثير لا يعلم أن دخول الاستعمار إلى الإقليم العربي لم يكن هكذا سقوطاً بالبراشوت، بل باتفاقات وإزاحات جغرافية بين دول الحلفاء المنتصرة في الحرب العالمية الثانية مع إسطنبول إثر هزيمة «الحلف الألماني الإيطالي العثماني».
الانسحاب التركي من الأقاليم العربية خلّف وراءه من يطلق عليهم «التركمان» وهم كل من له أصول تركية ويعيش في الأراضي العربية، خاصة في العراق وسوريا وفلسطين وليبيا واليمن.
بالطبع استطاع أردوغان مع حلفائه في المنطقة خلال سنوات ما بعد الخريف العربي تفجير الوضع الداخلي بين السكان المحليين في الدول العربية التي اجتاحتها الاحتجاجات، وهو أمر تصدت له الشعوب والجيوش العربية وكذلك الدول المركزية في المنطقة «السعودية ومصر».
إلا أن أردوغان لم يستسلم، وها هو يعيد الكرة بطريقة لا أخلاقية أبداً، فما يحصل اليوم في ليبيا من زرع للفتنة بين المكونات السكانية هو نموذج واضح لمحاولة أردوغان تحويل التعايش السلمي الذي استمر لخمسمائة عام بين الليبيين من جميع الأعراق إلى حرب أهلية، ولكن هذه المرة بين ليبيين من أصول عربية وليبيين من أصول تركية ربما لم يتذكر الكثير منهم أنهم من أصول تركية إلا اليوم.
بالطبع أردوغان ليس وحده في الساحة، بل إن بعض الليبيين من أصول عربية أو من يمكن أن يسموا بذوي الهوى التركي وليسوا بالضرورة أن يكونوا أتراك العرق يدفعون نحو هذا الخيار الخياني.
«الأتراك العرب» موجودون في كثير من البلاد العربية، وليس في ليبيا فقط، ويدينون بولاء ربما أكثر من الأتراك أنفسهم لسلطة أنقرة، هؤلاء يهيئون المناخ السياسي في ليبيا لأمرين: إما الاستيلاء عليها لصالح تركيا وإعادة الاستعمار العثماني، أو الذهاب إلى حرب أهلية واقتسام ليبيا بين قوميتين عربية وتركية.
اعتماد أردوغان على «الأتراك العرب» بنوعيهم التركي العربي أو التركماني، ليس جديداً فتوكل كرمان التي فازت بجائزة نوبل للسلام، تعود أصولها لولاية كارامان التركية جنوب تركيا، وهي تدين بالولاء المطلق لنظام أردوغان أكثر من اليمن موطن أجدادها، بل تعتبر اليمن مجرد محطة سكنت فيها خطأً، توكل ليست الوحيدة فالكثير من «الخائنين» العرب الذين لجأوا الى إسطنبول هم في الأساس ينتمون لشريحة وضعت نفسها تحت الاستعمار التركي السياسي، وهي تدافع وتخدم وتتعاطف بلا ثمن، سوى المشاركة في حلم استعادة ما يسمى بالخلافة العثمانية.
في المقابل يعيش في البلاد العربية كثير من العائلات الكريمة ذات الأصول التركية، وهي عربية اللسان والمشاعر والولاء لأوطانها العربية، ولا ترى في العثمانيين الجدد سوى مستعمرين يجب مقاومتهم، فالعروبة في نهاية الأمر ليست عرقاً، بل لسان يجمع ولا يفرق.
* كاتب سعودي
massaaed@
وبالتأكيد الجميع يتوقع من كل ذوي الأصول التركية الذين عاشوا وأصبحوا جزءاً من النسيج المحلي على امتداد الوطن العربي أن يبقوا عرباً لساناً ومشاعر وولاءً، وأن يحافظوا على دولهم ومصالحها، فلا مبرر لهم أن يكونوا غير ذلك أبداً.
الخطير هو اللعب على هذا الخط الرفيع والحساس، فلو أن الدول العربية استخدمت أبناءها المهاجرين للغرب وخاصة في دول مثل فرنسا وإسبانيا وإيطاليا لأحدثوا فتنة وحرباً أهلية العالم في غنى عنها.
وليكون التعريف أكثر دقة، يمكن أن يطلق على كل من ارتبط بولاء للفكر السياسي التركي الحالي ويؤمن بالعثمانية طريقاً وخياراً حكماً، باعتباره من «الأتراك العرب».
إن ما يفعله رجب طيب أردوغان رأس السلطة التركية هو الأخطر منذ انهيار السلطنة العثمانية وتفككها ودخولها في اتفاقات استسلام وتسليم للأراضي العربية في العراق وسوريا وليبيا وفلسطين التي دفع العرب بسببها أثماناً باهظةً خلال المائة سنة الماضية.
الكثير لا يعلم أن دخول الاستعمار إلى الإقليم العربي لم يكن هكذا سقوطاً بالبراشوت، بل باتفاقات وإزاحات جغرافية بين دول الحلفاء المنتصرة في الحرب العالمية الثانية مع إسطنبول إثر هزيمة «الحلف الألماني الإيطالي العثماني».
الانسحاب التركي من الأقاليم العربية خلّف وراءه من يطلق عليهم «التركمان» وهم كل من له أصول تركية ويعيش في الأراضي العربية، خاصة في العراق وسوريا وفلسطين وليبيا واليمن.
بالطبع استطاع أردوغان مع حلفائه في المنطقة خلال سنوات ما بعد الخريف العربي تفجير الوضع الداخلي بين السكان المحليين في الدول العربية التي اجتاحتها الاحتجاجات، وهو أمر تصدت له الشعوب والجيوش العربية وكذلك الدول المركزية في المنطقة «السعودية ومصر».
إلا أن أردوغان لم يستسلم، وها هو يعيد الكرة بطريقة لا أخلاقية أبداً، فما يحصل اليوم في ليبيا من زرع للفتنة بين المكونات السكانية هو نموذج واضح لمحاولة أردوغان تحويل التعايش السلمي الذي استمر لخمسمائة عام بين الليبيين من جميع الأعراق إلى حرب أهلية، ولكن هذه المرة بين ليبيين من أصول عربية وليبيين من أصول تركية ربما لم يتذكر الكثير منهم أنهم من أصول تركية إلا اليوم.
بالطبع أردوغان ليس وحده في الساحة، بل إن بعض الليبيين من أصول عربية أو من يمكن أن يسموا بذوي الهوى التركي وليسوا بالضرورة أن يكونوا أتراك العرق يدفعون نحو هذا الخيار الخياني.
«الأتراك العرب» موجودون في كثير من البلاد العربية، وليس في ليبيا فقط، ويدينون بولاء ربما أكثر من الأتراك أنفسهم لسلطة أنقرة، هؤلاء يهيئون المناخ السياسي في ليبيا لأمرين: إما الاستيلاء عليها لصالح تركيا وإعادة الاستعمار العثماني، أو الذهاب إلى حرب أهلية واقتسام ليبيا بين قوميتين عربية وتركية.
اعتماد أردوغان على «الأتراك العرب» بنوعيهم التركي العربي أو التركماني، ليس جديداً فتوكل كرمان التي فازت بجائزة نوبل للسلام، تعود أصولها لولاية كارامان التركية جنوب تركيا، وهي تدين بالولاء المطلق لنظام أردوغان أكثر من اليمن موطن أجدادها، بل تعتبر اليمن مجرد محطة سكنت فيها خطأً، توكل ليست الوحيدة فالكثير من «الخائنين» العرب الذين لجأوا الى إسطنبول هم في الأساس ينتمون لشريحة وضعت نفسها تحت الاستعمار التركي السياسي، وهي تدافع وتخدم وتتعاطف بلا ثمن، سوى المشاركة في حلم استعادة ما يسمى بالخلافة العثمانية.
في المقابل يعيش في البلاد العربية كثير من العائلات الكريمة ذات الأصول التركية، وهي عربية اللسان والمشاعر والولاء لأوطانها العربية، ولا ترى في العثمانيين الجدد سوى مستعمرين يجب مقاومتهم، فالعروبة في نهاية الأمر ليست عرقاً، بل لسان يجمع ولا يفرق.
* كاتب سعودي
massaaed@